نقد دراسة في حديث ( طلع البدر علينا )دراسة حديثية للخبر والنشيد
صفحة 1 من اصل 1
نقد دراسة في حديث ( طلع البدر علينا )دراسة حديثية للخبر والنشيد
نقد دراسة في حديث ( طلع البدر علينا )دراسة حديثية للخبر والنشيد
المؤلف أنيس بن أحمد بن طاهر الأندنوسي وهو يدور حول حديث طلع البدر علينا وحكمه وفى مقدمته التى حذفنا منها الكثير تحدث عن أن الموضوع هو أنه جمع من مختلف المظان ما يمكن جمعه فى الموضوع لإصدار حكم صحيح على الحديث فقال :
"ومن أبرز وقائع السيرة النبوية هجرة رسول الله (ص)من مكة إلى المدينة ومن الروايات المشهورة جدا فيها قصة استقبال رسول الله (ص)بنشيد ( طلع البدر علينا ) ؛ فقد اشتهرت وانتشرت بين الناس من غير نظر في الدليل ، ولا تأمل في الثبوت !!
ولذلك رأيت جمع ما يمكن جمعه من كلمات ذكرت فيها ؛ لأبين ثبوتها أو عدم ثبوتها ، لعل في ذلك نفعا للقارئ الكريم ، حتى يحتاط فيها وفي غيرها ؛ من عدم الجزم بنسبة شيء لرسول الله (ص)حتى يتبين ثبوته ، فعن سلمة بن الأكوع قال قال رسول الله (ص) (( من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ))."
وقد استهل الكتاب بذكر نص الحديث فقال :
"نص الحديث :
عن عبيد الله بن محمد ابن عائشة بنت طلحة قال (( لما قدم (ص)المدينة جعل النساء والصبيان يقلن
طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع"
وأورد إسناد الحديث وما فيه فقال :
"سند الحديث :
روى البيهقي الحديث فقال أخبرنا أبو عمرو الأديب ، قال أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال سمعت أبا خليفة يقول سمعت ابن عائشة يقول لما قدم عليه السلام المدينة ... الحديث بمثل اللفظ السابق
وقال أيضا أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، سمعت أبا خليفة يقول سمعت ابن عائشة يقول لما قدم رسول الله (ص)؛ جعل النساء والصبيان والولائد يقلن
طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع
قال البيهقي وهذا يذكره علماؤنا عند مقدمه المدينة من مكة ، لا أنه لما قدم المدينة من ثنيات الوداع عند مقدمه من تبوك ، والله أعلم ."
وأورد من خرجوا الحديث فقال :
"تخريج الحديث :
الحديث رواه أبو سعيد النيسابوري في ( شرف المصطفى ) ، والخلعي في( فوائده )، وأبو بكر المقرئ في ( الشمائل ) ، والحلواني أبو علي الخلال نزيل مكة.
وذكره رزين، والسبكي في ( الحلبيات ) ، كلهم من طريق ابن عائشة به نحوه ."
وأورد حكم القدامى على الإسناد فقال :
الحكم على سنده
قال المحب الطبري (( أخرجه الحلواني أبو علي الخلال- نزيل مكة - وهو ثقة حافظ على شرط الشيخين )).
واستدرك عليه الزرقاني فقال (( الشيخان لم يخرجا لابن عائشة ، فلا يكون على شرطهما ولو صح الإسناد إليه )) .
وقال الحافظ العراقي في شرح الترمذي (( كلام ابن عائشة معضل لا تقوم به حجة )).
وقال الحافظ ابن حجر (( سند منقطع )).
قلت إسناده (( معضل )) كما ذكره الحافظ العراقي ؛ سقط منه عدد من الرواة ؛ فابن عائشة هذا اسمه عبيد الله بن محمد بن حفص بن عمر بن موسى بن عبيد الله بن معمر التيمي ، مات سنة ثمان وعشرين ومائتين
روى له أبو داود ، والترمذي ، والنسائي .
وهو من ذرية عائشة بنت طلحة، ولذلك قيل له ( ابن عائشة ) .
وهو ( ثقة ) ، من كبار الطبقة العاشرة ، وأهل هذه الطبقة وصفهم الحافظ ابن حجر بأنهم كبار الآخذين عن تبع الأتباع ، ممن لم يلق التابعين ؛ كأحمد بن حنبل.
فبين ابن عائشة وبين رسول الله (ص) مفاوز ."
وأما الحدثاء فقد ذكر قول الألبانى فقال :
"وقال شيخنا الألباني (( ضعيف )) ، وعزاه للخلعي برقم المجلدة والورقة ، وللبيهقي أيضا ، ثم قال (( عن الفضل بن الحباب قال سمعت عبد الله بن محمد بن عائشة يقول ... فذكره . وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات ، لكنه معضل ؛ سقط من إسناده ثلاثة رواة فأكثر ؛ فابن عائشة هذا من شيوخ أحمد ، وقد أرسله ، وبذلك أعله الحافظ العراقي في تخريج الإحياء ))
وقال شيخنا أكرم العمري (( أما تلك الروايات التي تفيد استقباله بنشيد ( طلع البدر علينا من ثنيات الوداع ) فلم ترد بها رواية صحيحة ))."
واعترف الاندنوسى أن الفقهاء مع اعترافهم بضعف الحديث إلا أنهم يذكرونه في مقالاتهم ولا ينكرونه فقال:
"ومع ضعف سند الحديث ، نجد كثيرا من الأئمة يذكرونه ولا ينكرونه ؛ منهم ابن حبان ، وابن عبد البر ، وابن القيم ، وابن كثير ، والسمهودي ، والصالحي ، والمراغي ، وغيرهم ."
وتحدث عن أن المراغى عزاه أنس بن مالك فقال :
"وقد وقفت على عزو غريب للمراغي ؛ حيث عزى الحديث لأنس بن مالك بلفظ (( صعدت ذوات الخدور على الأجاجير- يعني عند قدوم رسول الله (ص)يقلن ... فذكر الأبيات والحديث )) .
هذا ما يتعلق بسند الحديث والحكم عليه "
وذكر الرجل أن متن الحديث منكر ثم ذكر ما أورده أحد الباحثين من عيوب المتن فقال :
" وأما متنه ؛ فقد أنكرت ألفاظ في متنه من وجوه ، ذكرها محمد محمد حسن شراب في كتابه المفيد ( المعالم الأثيرة )، وخلاصة ما ذكره ما يلي
1 - في النشيد رقة وليونة لا تناسب أساليب القول في الزمن المنسوب النشيد إليه ، وربما يكون من أشعار القرن الثالث الهجري .
2 - جاء النشيد على وزن بحر ( الرمل ) ، وكان يغلب على الأناشيد المرتجلة ( الرجز ) .
3 - مما يروى من أبيات النشيد
جئت شرفت المدينة ... مرحبا يا خير داع
كيف يقول أهل المدينة ( شرفت المدينة ) ، وإنما سميت المدينة بعد مقدم رسول الله (ص)إليها ، واسمها المعروف لديهم ( يثرب ) .
وسيأتي ذكر نقد الأنصاري لبعض ألفاظ النشيد الأخرى ."
وتحدث الرجل عن اختلاف ألفاظ الروايات في الحديث فقال :
"ألفاظ الحديث التي روي ونقل بها
اختلفت نقول العلماء لألفاظ النشيد ، وجميعهم لم يذكروا أسانيد يمكن معرفة ثبوت اللفظ من عدم ثبوته من خلالها .
وأبدأ بلفظ يروى عن ابن حبان ؛ لكونه مسندا عن بريدة بن الحصيب ، قال
(( رجع رسول الله (ص)من بعض مغازيه ، فجاءت جارية سوداء فقالت يا رسول الله ؛ إني نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب على رأسك بالدف . فقال رسول الله (ص) (( إن نذرت فافعلي ، وإلا فلا )) ، قالت إني كنت نذرت ؟
فقعد رسول لله (ص)، وضربت بالدف ، وقالت
أشرق البدر علينا ... من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع
وإسناده رجاله ثقات ، وهو متصل ، والحديث ( صحيح ) بدون ذكر النشيد ؛ فهو ملحق به ، ولا وجود له في صحيح ابن حبان، وهو مدخول على كتاب موارد الظمآن كما ذكر ذلك محمد عبد الرزاق حمزة محقق الكتاب ، فقال (( ما بعد هذا من الهامش ، وبخط يخالف خط الأصل )) .
وكذلك رجح الألباني إقحامه في الحديث.
وذكر الغزالي الحديث بزيادة ذكر ( الدف ) و ( الألحان ) .
ورد العراقي عليه فقال (( البيهقي في دلائل النبوة من حديث [ ابن عائشة ] معضلا ، وليس فيه ذكر للدف والألحان )).
ونقل عبد الرزاق المناوي النشيد بلفظ
أقبل البدر علينا ... من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع
قال الصالحي وزاد ( رزين )
أيها المبعوث فينا ... جئت بالأمر المطاع
وقال عبد القدوس الأنصاري ومن الطرائف ما ذكره صاحب ( مرآة الحرمين ) من أن ذوات الخدور أنشدن عند قدوم النبي (ص)هذين البيتين
أشرق البدر علينا ... واختفت منه البدور
مثل حسنك ما رأينا ... قط يا وجه السرور
فهل خفي على إبراهيم باشا رفعت ما يحمله هذان البيتان من أثقال الركاكة العامية ، فنسبها إلى عصر كانت تفيض فيه البلاغة الشعرية على ألسنة العرب بالسليقة ؟ أم أنه أوردهما اعتمادا على رواية ملفقة لا أصل لها ؟! اللهم لا ندري أي ذلك كان ؟! ولكننا ندري ونجزم أن البيتين المذكورين ليسا من شعر ذلك العهد الزاهر بتاتا ))."
وتحدث عن تسمية ثنيات الوداع فقال :
"ضبط التسمية بثنيات الوداع ومعناها :
الثنيات جمع ثنية ، والثنية في أصل اللغة ما ارتفع من الأرض ، وقيل هي الطريق في الجبل .
والوداع بفتح الواو اسم من التوديع.
سبب التسمية
قال الفيروزابادي
(( واختلف في تسميتها بذلك ؛ فقيل لأنها موضع وداع المسافرين من المدينة إلى مكة وقيل لأن النبي (ص)ودع بها بعض من خلف بالمدينة في آخر حياته وقيل في بعض سراياه المبعوثة عنه وقيل الوداع اسم واد بالمدينة .( والصحيح ) أنه اسم قديم جاهلي ، سمي لتوديع المسافرين هكذا قال أهل السير والتاريخ )) .
ومن ( المروي ) في ( أسباب ) تسميتها ما يلي
1 - عن جابر بن عبد الله قال خرجنا مع رسول الله (ص)إلى غزوة تبوك ، حتى إذا كنا عند العقبة مما يلي الشام ، جاء نسوة كنا تمتعنا بهن يطفن برحالنا ، فجاء رسول الله (ص)فذكرنا ذلك له ، فغضب وقام خطيبا ، وأثنى على الله ، ونهى عن المتعة ، فتوادعنا يومئذ ، فسميت ثنية الوداع رواه الحازمي من طريق عباد بن كثير ، حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل ، سمعت جابر بن عبد الله به والإسناد (( ضعيف جدا )) ؛ عباد بن كثير (( متروك )).
2 - وعنه قال إنما سميت ( ثنية الوداع ) لأن رسول الله (ص)اقبل من خيبر ومعه المسلمون قد نكحوا النساء نكاح المتعة ، فلما كان بالمدينة قال لهم (( دعوا ما في أيديكم من نساء المتعة )) ، فأرسلوهن ، فسميت ثنية الوداع رواه ابن شبه فقال قال أبو غسان ، وأخبرني عبد العزيز بن عمران ، عن أيوب بن سيار ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله به وهذا (( إسناد ضعيف جدا )) ؛ فيه (( عبد العزيز بن عمران )) و (( أيوب بن سيار )) ، وهما ( متروكان )، والحديث (( ضعيف جدا )) .
3 - وعنه قال خرجنا ومعنا النساء اللاتي استمتعنا بهن ، حتى أتينا ( ثنية الركاب ) ، فقلنا يا رسول الله ؛ هؤلاء النسوة اللاتي استمتعنا بهن ؟؟فقال رسول الله (ص) (( هن حرام إلى يوم القيامة )) فودعننا عند ذلك ، فسميت بذلك ثنية الوداع ، وما كانت قبل ذلك إلا ( ثنية الركاب ) رواه الطبراني من طريق عمرو بن أبي سلمة ، قال حدثنا صدقة بن عبد الله ، عن سعيد ، عن إسماعيل بن أمية ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله به وهذا سند (( ضعيف )) ، (( صدقة بن عبد الله )) (( ضعفه )) الأئمة أحمد ، والبخاري ، والنسائي ، والدارقطني وغيرهم. والحديث (( ضعيف )) .
4 - وعن أبي هريرة قال خرجنا مع رسول الله (ص)في غزوة تبوك ، فنزلنا ثنية الوداع ، فرأى رسول الله (ص)مصابيح ، ورأى نساء تبكين ، تمتع منهن ، فقال (( حرم )) ، أو قال (( هدم المتعة النكاح ، والطلاق ، والعدة ، والميراث )) رواه أبو يعلى ، وابن حبان، والبيهقي، كلهم من طريق المؤمل بن إسماعيل ، عن عكرمة بن عمار ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة به وهذا إسناد (( ضعيف )) ؛ لأن المؤمل بن إسماعيل (( صدوق سيء الحفظ )) ، وعكرمة (( صدوق ، يغلط ))قال الهيثمي (( رواه أبو يعلى ، وفيه مؤمل بن إسماعيل ، وثقه ابن معين وابن حبان ، وضعفه البخاري وغيره ، وبقية رجاله رجال الصحيح )) . فالحديث (( ضعيف )) .
5 - وعن جابر بن عبد الله قال كان لا يدخل المدينة أحد إلا عن طريق واحد ؛ من ثنية الوداع ، فإن لم يعشر ويقال للحمار الشديد الصوت المتتابع النهيق معشر ؛ لأنه إذا نهق لم يكف حتى يبلغ عشرا بها مات قبل أن يخرج منها ، فإذا وقف على الثنية قيل قد ودع ، فسميت ثنية الوداع ، حتى قدم عروة بن الورد العبسي ، فقيل له عشر بها ، فلم يعشر ، ثم أنشأ يقول
لعمري لئن عشرت من خشية الردى ... نهاق حمير إنني لجزوع
ثم دخل فقال يا معشر اليهود ؛ ما لكم وللتعشير قالوا إنه لا يدخلها أحد من غير أهلها فلم يعشر بها إلا مات ، ولا يدخلها أحد من غير ( ثنية الوداع ) إلا قتله الهزال ، فلما ترك عروة التعشير تركه الناس ، ودخلوا من كل ناحية رواه ابن شبه فقال قال أبو غسان ، حدثني عبد العزيز بن عمران ، عن عامر ، عن جابر به الإسناد (( ضعيف جدا )) ، والحديث كذلك ؛ لما تقدم من كلام في (( عبد العزيز بن عمران )) ، وأنه (( متروك )) .
ومما يدل على (( ضعف )) بعض الأحاديث المروية في أسباب التسمية بغير ما مر من ضعف أسانيدها ( نكارة ) ألفاظ بعضها ؛ حيث روي حديث جابر الأول ، وحديث أبي هريرة الرابع بذكر النهي عن المتعة عام غزوة تبوك ، وهذا (( منكر )) ؛ لأن تحريم نكاح المتعة كان عام خيبر ، كما روى ذلك البخاري، ومسلم ، كلاهما من طريق الزهري ، عن الحسن بن محمد بن علي ، وأخيه عبد الله ، عن أبيهما ، عن علي قال إن رسول الله (ص)نهى عن متعة النساء يوم خيبر ، واللفظ لمسلم .
ذهب بعض العلماء ؛ منهم الداودي، والقاضي عياض إلى أنها من جهة مكة .
وذهب آخرون - ومنهم أهل المدينة - إلى أنها من جهة الشام .
ومن أظهر أدلة الفريق الأول قصة الاستقبال بنشيد ( طلع البدر علينا ) ، وقد تقدم ما فيها من العلل .
ومن أظهر أدلة الفريق الثاني ما رواه البخاري من طريق سفيان ، عن الزهري ، عن السائب بن يزيد قال أذكر أني خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع نتلقى رسول الله (ص)مع الصبيان مقدمه من غزوة تبوك .
وعمد ابن القيم إلى ( توهيم ) من يقول إن ثنية الوداع من جهة مكة فقال (( وبعض الرواة يهم في هذا ويقول إنما كان ذلك عند مقدمه إلى المدينة من مكة وهو وهم ظاهر ؛ لأن ثنيات الوداع إنما هي من ناحية الشام ، لا يراها القادم من مكة إلى المدينة ، ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام )).
ونقل عنه ابن حجر نقلا يخالف هذا ؛ فالله أعلم برأيه الذي استقر عليه !
( وجمع ) الفيروز ابادي بين القولين فقال (( كلتا الثنيتين تسمى ثنيات الوداع )).
( ونصر ) هذا الرأي جمع من المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين ، منهم ابن حجر ، والعباسي ، وعبد القدوس الأنصاري
قال الأنصاري (( وكما أن أهل المدينة كانوا يودعون المسافر منها إلى ناحية الشام من الثنية التي هي بطريق الشام ، فكذلك لهم أن يودعوا المسافر إلى جهة مكة من الثنية الواقعة بطريق مكة ، ويحق لكل من الثنيتين بهذا النظر أن تسمى ثنية الوداع ؛ لقيام معنى الثنية ، الذي هو الطريق في الجبل ، والوداع بكل منهما ، ولاشتراكهما فيه ، فكلتاهما مركز لتوديع المسافرين )) .
وهاهنا رأي للسمهودي توفيقي ، يلزم منه إثبات الثنية جهة الشام ، مع إثبات أن قدوم رسول الله (ص)كان من جهة الجنوب - وهو الجادة - قال (( إن ذلك لا يمنع من كونه في الهجرة عند القدوم من قباء ؛ لأنه (ص)ركب ناقته ، وأرخى لها زمامها ، وقال (( دعوها فإنها مأمورة )) ، ومر بدور الأنصار ... حتى مر ببني ساعدة، ودارهم في شامي المدينة ، قرب ثنية الوداع ، فلم يدخل باطن المدينة إلا من تلك الناحية ، حتى أتى منزله بها )) .
وعلى خلافه رأي للحافظ ابن حجر على القول بأن ثنية الوداع من جهة مكة - حيث قال (( لا يمنع كونها من جهة الحجاز أن يكون خروج المسافر إلى الشام من جهتها ، وهذا واضح ، كما في دخول مكة من ثنية ، والخروج منها من أخرى ، وينتهي كلاهما إلى طريق واحدة )).
على القول بأنها من جهة الشمال ، تقع الثنية اليوم في قلب عمران المدينة ، في أول طريق أبي بكر الصديق ( سلطانة ) ، عن يمينه وأنت خارج من نفق المناخة ، قريبا من طرفها الشمالي ، وقد أزيلت مع فتح النفق المذكور ، ويكون على يسارك اليوم جبل سلع ، وإلى يمينك بداية طريق العيون المؤدي إلى جبل الراية .
وعلى القول بأنها في جنوب المدينة ، وصفت بأنها تشرف على وادي العقيق ، وينزل منها إلى بئر عروة ، جنوب غرب المدينة ، وتحيط بها الحرة من كل جانب.
وموقع بئر عروة المذكور آنفا اليوم على يسار الذاهب في طريق مكة القديم ( عمر بن الخطاب ) بعد تقاطعه مع الطريق الدائري الثاني مباشرة ، يوجد مسجد حديث يسمى مسجد عروة ، خلفه بقايا المسجد القديم ، وبجانبه قصر عروة ، وأمامه البئر .
تنبيه ذكر ابن منظور أن ( الوداع ) واد بمكة ، و( ثنية الوداع )منسوبة إليه ولما دخل النبي (ص)مكة يوم الفتح استقبله إماء مكة يصفقن ويقلن
طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع
وهو غريب ومنكر ، لم أقف على مستند له ، ولا على موافق
إن نفوسا آمنت بالله تبارك وتعالى بوجوده ووحدانيته ، وآمنت برسول الله (ص)برسالته وصدقه وأمانته ؛ فرضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد (ص)نبيا ورسولا ؛ كيف سيكون استقبالها لرسول الله (ص)، وكم سيكون قدر شوقها حين تتلقاه ، فلك أن تفكر بعمق إيماني وعقلي وعاطفي ، فتراه شيئا كبيرا ، قد يعجز القلم عن وصفه ، وينعقد اللسان عن التعبير عنه بما يليق بتلك المكانة العظيمة ، بذلك الشخص الكريم ، وبتلك المناسبة المهيبة ، وبتلكم الطلعة النبوية البهية .
(( فرح أهل المدينة بقدومه (ص)، وأشرقت المدينة بحلوله فيها ، وسرى السرور إلى القلوب )) ."
وما سبق من أقوال ذكرها الرجل هو تناقض ظاهر لمن له عقل فمرة الثنيات في المدينة ومرة في مكة والتناقض الثانى أنها مرة في شمال المدينة ومرة في جنوبها ومرة هناك مكانين شمالا وجنوبا والتناقض الثالث في سبب تسميتها فمرة لأنه توديع المسافر ومرة توديع الحاج ومرة توديع السرايا وبعد كل هذ ا الحديث عن الثنيات ذكر الرجل روايات مقدم الرسول(ص) إلى المدينة في الكتب المعروفة فقال :
"وفيما يلي أهم روايات ذلك الحدث الكبير مما وقفت عليه ، مما لعله يقرب شيئا من وصف استقبال الأنصار - رضي الله عنهم - لرسول الله (ص)للقارئ الكريم .
1 - عن أبي بكر الصديق قال قدمنا المدينة ليلا ، فتنازعوا أيهم ينزل عليه رسول الله (ص)، فقال (( أنزل على بني النجار ؛ أخوال عبد المطلب أكرمهم بذلك )) ، فصعد الرجال والنساء فوق البيوت ، وتفرق الغلمان والخدم في الطريق ينادون يا محمد يا رسول الله ، يا محمد يا رسول الله )) .
رواه البخاري ومسلم، كلاهما من طريق إسرائيل ، عن أبي إسحاق قال سمعت البراء بن عازب ، عن أبيه ، عن أبي بكر به . واللفظ لمسلم .
2 - وعنه قال مضى رسول الله (ص)حتى قدم المدينة ، وخرج الناس حتى دخلنا في الطريق ، وصاح الناس والخدم والغلمان جاء محمد ، جاء رسول الله ، الله أكبر ، جاء محمد ، جاء رسول الله ، فلما أصبح انطلق فنزل حيث أمر .
رواه الحاكم ، وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه
وأشار الذهبي في التلخيص إلى أنه في الصحيحين من طريق سعيد بن مسعود ، ثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأ إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، عن أبي بكر به .
ورجال الإسناد ثقات ، مخرج لهم في الكتب الستة ، والحديث (( صحيح لغيره )) .
3 - وعن البراء بن عازب قال أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم ، وكانا يقرئان الناس ، فقدم بلال وسعد وعمار بن ياسر ، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي (ص)، ثم قدم النبي (ص)، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله (ص)، حتى جعل الإماء يقلن قدم رسول الله (ص). فما قدم حتى قرأت { سبح اسم ربك الأعلى } في سور من المفصل .
رواه البخاري، وابن سعد ، كلاهما من طريق شعبة ، عن أبي إسحاق قال سمعت البراء به ، واللفظ للبخاري .
ولفظ ابن سعد (( حتى سمعت النساء والصبيان والإماء يقولون هذا رسول الله قد جاء ، قد جاء )) .
4 - وعن أنس بن مالك قال أقبل نبي الله (ص)إلى المدينة وهو مردف أبا بكر ، وأبو بكر شيخ يعرف ، ونبي الله (ص)شاب لا يعرف ... الحديث ، وفيه
فنزل رسول الله (ص)جانب الحرة ، ثم بعث إلى الأنصار ، فجاءوا إلى نبي الله (ص)فسلموا عليهما ، وقالوا اركبا آمنين مطاعين ، فركب نبي الله (ص)وأبو بكر ، وحفوا دونهما بالسلاح ، فقيل في المدينة جاء نبي الله ، جاء نبي الله ، فأشرفوا ينظرون ويقولون جاء نبي الله ، جاء نبي الله ... الحديث مختصرا .
رواه البخاري من طريق عبد الوارث بن سعيد ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، حدثنا أنس بن مالك به .
5 - وعنه قال إني لأسعى في الغلمان يقولون جاء محمد ، فأسعى ولا أرى شيئا ، ثم يقولون جاء محمد ، فأسعى ولا أرى شيئا ، حتى جاء رسول الله (ص)وصاحبه أبو بكر الصديق ، فكمنا في بعض خراب المدينة ، ثم بعثا رجالا من أهل البادية يؤذن بهما الأنصار ، فاستقبلهما زهاء خمسمائة من الأنصار ، حتى انتهوا إليهما ، فقالت الأنصار انطلقا آمنين مطاعين ، فأقبل رسول الله (ص)وصاحبه بين أظهرهم ، فخرج أهل المدينة ، حتى إن العواتق لفوق البيوت يتراءينه يقلن أيهم هو ؟ أيهم هو ؟ فما رأينا منظرا شبيها به .
قال أنس فلقد رأيته يوم دخل علينا ويوم قبض ، فلم أر يومين شبيها بهما .
رواه أحمد ، وعبد بن حميدمن طريق هاشم بن القاسم ، ثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس به .
ورواه الحاكم من طريق حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس به بنحوه مختصرا .
وقال صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه .
رجاله ثقات ، والحديث (( صحيح )) .
6 - وعنه قال قدم رسول الله (ص)المدينة ، فلما دخل المدينة جاءت الأنصار برجالها ونسائها ، فقالوا إلينا يا رسول الله ، فقال (( دعوا الناقة فإنها مأمورة )) ، فبركت على باب أبي أيوب .
قال فخرجت جوار من بني النجار يضربن بالدفوف وهن يقلن
نحن جوار من بني النجار ... يا حبذا محمد من جار
فخرج إليهم رسول الله (ص)فقال
(( أتحبونني ؟ )) ، فقالوا أي والله يا رسول الله . قال (( أنا والله أحبكم ، وأنا والله أحبكم ، أنا والله أحبكم )) .
رواه ابن أبي الدنيا، من طريق محمد بن حميد الرازي ، قال حدثنا سلمة بن الفضل ، قال حدثني محمد بن إسحاق ، عن عوف الأعرابي ، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس ، عن أنس بن مالك قال لما قدم النبي (ص)استقبله جوار من بني النجار ... الحديث به نحوه .
هذا الإسناد (( ضعيف )) ؛ فيه علتان ، إحداهما (( ضعف )) محمد بن حميد الرازي ، قال الحافظ ابن حجر (( حافظ ضعيف )).
والأخرى عنعنة ابن إسحاق ، وهو مدلس ، من المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين التي يطلب فيها (( التصريح )) بالسماع أو التحديث .
ورواه البيهقي من طريق إبراهيم بن صرمة، قال حدثنا يحيى بن سعيد ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس به .
وإبراهيم بن صرمة هو الأنصاري ، يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري
(( ضعفه )) الدارقطني ، وقال ابن عدي (( عامة أحاديثه إما أن تكون مناكير المتن ، أو تنقلب عليه الأسانيد )) .
وقال ابن معين (( كذاب خبيث )).
ورواه من طريق أبي خيثمة المصيصي ، قال حدثنا عيسى بن يونس ، عن عوف الأعرابي ، عن ثمامة ، عن أنس قال (( مر رسول الله (ص)بحي بني النجار ، وإذا جوار يضربن بالدف ، يقلن
نحن جوار من بني النجار ... يا حبذا محمد من جار
فقال النبي (ص) (( الله يعلم أن قلبي يحبكن )) .
أبو خيثمة المصيصي هو مصعب بن سعيد الضرير الحراني.
روى عنه أبو حاتم ، وسئل عنه ؟ فقطب وجهه ، وقال عبد الله بن جعفر الرقي أحب إلي منه ، وكان صدوقا .
ورواه ابن ماجه من طريق عيسى ين يونس به نحوه .
قال الألباني (( سنده صحيح ، وليس فيه أن ذلك كان عند قدومه المدينة ، بل في صحيح البخاري وغيره من طريق ثالثة عن أنس أن ذلك كان في عرس ، ولكنه لم يذكر الرجز ))
قلت إخراج البيهقي للحديث ضمن ( باب من استقبل رسول الله (ص)وصاحبه من أصحابه ، ثم استقبال الأنصاري إياه ودخوله ونزوله ... الخ ) يفهم أن الإمام البيهقي يرى أن قصة ضرب الدف هذه كانت عند مقدم رسول الله (ص)، وليس الأمر كذلك .
وعزاه المراغي والسمهودي لأبي سعيد النيسابوري في كتابه ( شرف المصطفى ) .
فالحديث بذكر استقبال رسول الله (ص)مقدمه المدينة بقول الجواري نحن جوار ... الخ (( ضعيف )) .
ومما يوهن الحديث بالسياق المتقدم ؛ أن الإمام البخاري رواه من طريق عبد الوارث ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس قال أبصر النبي (ص)نساء وصبيانا مقبلين من عرس ، فقام ممتنا ، فقال (( اللهم أنتم من أحب الناس إلي )) .
ليس فيه ذكر مقدم رسول الله (ص)إلى المدينة .
7 - وعنه قال لما قدم رسول الله (ص)المدينة لعبت الحبشة لقدومه فرحا بذلك ، لعبوا بحرابهم رواه أحمد، وأبو داود، كلاهما من حديث عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن ثابت ، عن أنس به . واللفظ لأبي داود
وهذا إسناد (( صحيح )) ، والحديث (( صحيح )) ."
وخلص الرجل إلى أن الحديث ليس صحيح فقال:
"ظهر من خلال تخريج حديث النشيد ، والبحث في سنده عدم صحته ؛ لعدم صحة سنده ، ولنكارة في متنه ..
وأن النشيد ينقل بألفاظ تزيد وتنقص ، وكلها تروى بلا أسانيد يعتمد عليها .
وأن ثنية الوداع ثنيتان ؛ إحداهما شمالية ، والأخرى جنوبية ، وأن سبب تسميتها بذلك لأنه كان يودع المسافر عليها .
وأن الألفاظ التي تثبت في استقبال رسول الله (ص)هي (( يا محمد يا رسول الله )) ، و (( جاء محمد ، جاء رسول الله ، الله أكبر ، جاء محمد ، جاء رسول الله )) ، و (( قدم رسول الله )) ، و (( قدم رسول الله فينا )) .
وهذه الألفاظ تؤكد عدم ثبوت النشيد ؛ إذ لو حصل عند مقدمه لنقل بأسانيد ثابتة ، كما نقلت هذه الألفاظ الثابتة ."
والحق أن الحديث باطل في متنه للتالى :
-أن الرسول(ص) وصاحبه لم يكن معهم أحد يقدم لإخبار الناس بقدومهم
-أن الرسول(ص) وصاحبه لم يكن يعرف لهم موعد قدوم حتى يخرج أحد لاستقبالهم
- أن النساء ليس من عاداتهن الخروج لأطراف البلد خوفا من الاغارة والاختطاف
- أن الرجال هم من يعملون في أطراف البلد في البساتين أو بالرعى والطبيعى أن يكونوا هم أول من يستقبلونه
- أن عدد النساء المؤمنات كان قليل جدا حتى أن الله أمر بالزواج من الكتابيات لمنع زنى المؤمنين وفى تاريخ العقبة كانت هناك امرأتين فقط ومن ثم لن يكون هناك عدد لعمل استقبال يكون فيه غناء
المؤلف أنيس بن أحمد بن طاهر الأندنوسي وهو يدور حول حديث طلع البدر علينا وحكمه وفى مقدمته التى حذفنا منها الكثير تحدث عن أن الموضوع هو أنه جمع من مختلف المظان ما يمكن جمعه فى الموضوع لإصدار حكم صحيح على الحديث فقال :
"ومن أبرز وقائع السيرة النبوية هجرة رسول الله (ص)من مكة إلى المدينة ومن الروايات المشهورة جدا فيها قصة استقبال رسول الله (ص)بنشيد ( طلع البدر علينا ) ؛ فقد اشتهرت وانتشرت بين الناس من غير نظر في الدليل ، ولا تأمل في الثبوت !!
ولذلك رأيت جمع ما يمكن جمعه من كلمات ذكرت فيها ؛ لأبين ثبوتها أو عدم ثبوتها ، لعل في ذلك نفعا للقارئ الكريم ، حتى يحتاط فيها وفي غيرها ؛ من عدم الجزم بنسبة شيء لرسول الله (ص)حتى يتبين ثبوته ، فعن سلمة بن الأكوع قال قال رسول الله (ص) (( من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ))."
وقد استهل الكتاب بذكر نص الحديث فقال :
"نص الحديث :
عن عبيد الله بن محمد ابن عائشة بنت طلحة قال (( لما قدم (ص)المدينة جعل النساء والصبيان يقلن
طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع"
وأورد إسناد الحديث وما فيه فقال :
"سند الحديث :
روى البيهقي الحديث فقال أخبرنا أبو عمرو الأديب ، قال أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال سمعت أبا خليفة يقول سمعت ابن عائشة يقول لما قدم عليه السلام المدينة ... الحديث بمثل اللفظ السابق
وقال أيضا أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، سمعت أبا خليفة يقول سمعت ابن عائشة يقول لما قدم رسول الله (ص)؛ جعل النساء والصبيان والولائد يقلن
طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع
قال البيهقي وهذا يذكره علماؤنا عند مقدمه المدينة من مكة ، لا أنه لما قدم المدينة من ثنيات الوداع عند مقدمه من تبوك ، والله أعلم ."
وأورد من خرجوا الحديث فقال :
"تخريج الحديث :
الحديث رواه أبو سعيد النيسابوري في ( شرف المصطفى ) ، والخلعي في( فوائده )، وأبو بكر المقرئ في ( الشمائل ) ، والحلواني أبو علي الخلال نزيل مكة.
وذكره رزين، والسبكي في ( الحلبيات ) ، كلهم من طريق ابن عائشة به نحوه ."
وأورد حكم القدامى على الإسناد فقال :
الحكم على سنده
قال المحب الطبري (( أخرجه الحلواني أبو علي الخلال- نزيل مكة - وهو ثقة حافظ على شرط الشيخين )).
واستدرك عليه الزرقاني فقال (( الشيخان لم يخرجا لابن عائشة ، فلا يكون على شرطهما ولو صح الإسناد إليه )) .
وقال الحافظ العراقي في شرح الترمذي (( كلام ابن عائشة معضل لا تقوم به حجة )).
وقال الحافظ ابن حجر (( سند منقطع )).
قلت إسناده (( معضل )) كما ذكره الحافظ العراقي ؛ سقط منه عدد من الرواة ؛ فابن عائشة هذا اسمه عبيد الله بن محمد بن حفص بن عمر بن موسى بن عبيد الله بن معمر التيمي ، مات سنة ثمان وعشرين ومائتين
روى له أبو داود ، والترمذي ، والنسائي .
وهو من ذرية عائشة بنت طلحة، ولذلك قيل له ( ابن عائشة ) .
وهو ( ثقة ) ، من كبار الطبقة العاشرة ، وأهل هذه الطبقة وصفهم الحافظ ابن حجر بأنهم كبار الآخذين عن تبع الأتباع ، ممن لم يلق التابعين ؛ كأحمد بن حنبل.
فبين ابن عائشة وبين رسول الله (ص) مفاوز ."
وأما الحدثاء فقد ذكر قول الألبانى فقال :
"وقال شيخنا الألباني (( ضعيف )) ، وعزاه للخلعي برقم المجلدة والورقة ، وللبيهقي أيضا ، ثم قال (( عن الفضل بن الحباب قال سمعت عبد الله بن محمد بن عائشة يقول ... فذكره . وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات ، لكنه معضل ؛ سقط من إسناده ثلاثة رواة فأكثر ؛ فابن عائشة هذا من شيوخ أحمد ، وقد أرسله ، وبذلك أعله الحافظ العراقي في تخريج الإحياء ))
وقال شيخنا أكرم العمري (( أما تلك الروايات التي تفيد استقباله بنشيد ( طلع البدر علينا من ثنيات الوداع ) فلم ترد بها رواية صحيحة ))."
واعترف الاندنوسى أن الفقهاء مع اعترافهم بضعف الحديث إلا أنهم يذكرونه في مقالاتهم ولا ينكرونه فقال:
"ومع ضعف سند الحديث ، نجد كثيرا من الأئمة يذكرونه ولا ينكرونه ؛ منهم ابن حبان ، وابن عبد البر ، وابن القيم ، وابن كثير ، والسمهودي ، والصالحي ، والمراغي ، وغيرهم ."
وتحدث عن أن المراغى عزاه أنس بن مالك فقال :
"وقد وقفت على عزو غريب للمراغي ؛ حيث عزى الحديث لأنس بن مالك بلفظ (( صعدت ذوات الخدور على الأجاجير- يعني عند قدوم رسول الله (ص)يقلن ... فذكر الأبيات والحديث )) .
هذا ما يتعلق بسند الحديث والحكم عليه "
وذكر الرجل أن متن الحديث منكر ثم ذكر ما أورده أحد الباحثين من عيوب المتن فقال :
" وأما متنه ؛ فقد أنكرت ألفاظ في متنه من وجوه ، ذكرها محمد محمد حسن شراب في كتابه المفيد ( المعالم الأثيرة )، وخلاصة ما ذكره ما يلي
1 - في النشيد رقة وليونة لا تناسب أساليب القول في الزمن المنسوب النشيد إليه ، وربما يكون من أشعار القرن الثالث الهجري .
2 - جاء النشيد على وزن بحر ( الرمل ) ، وكان يغلب على الأناشيد المرتجلة ( الرجز ) .
3 - مما يروى من أبيات النشيد
جئت شرفت المدينة ... مرحبا يا خير داع
كيف يقول أهل المدينة ( شرفت المدينة ) ، وإنما سميت المدينة بعد مقدم رسول الله (ص)إليها ، واسمها المعروف لديهم ( يثرب ) .
وسيأتي ذكر نقد الأنصاري لبعض ألفاظ النشيد الأخرى ."
وتحدث الرجل عن اختلاف ألفاظ الروايات في الحديث فقال :
"ألفاظ الحديث التي روي ونقل بها
اختلفت نقول العلماء لألفاظ النشيد ، وجميعهم لم يذكروا أسانيد يمكن معرفة ثبوت اللفظ من عدم ثبوته من خلالها .
وأبدأ بلفظ يروى عن ابن حبان ؛ لكونه مسندا عن بريدة بن الحصيب ، قال
(( رجع رسول الله (ص)من بعض مغازيه ، فجاءت جارية سوداء فقالت يا رسول الله ؛ إني نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب على رأسك بالدف . فقال رسول الله (ص) (( إن نذرت فافعلي ، وإلا فلا )) ، قالت إني كنت نذرت ؟
فقعد رسول لله (ص)، وضربت بالدف ، وقالت
أشرق البدر علينا ... من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع
وإسناده رجاله ثقات ، وهو متصل ، والحديث ( صحيح ) بدون ذكر النشيد ؛ فهو ملحق به ، ولا وجود له في صحيح ابن حبان، وهو مدخول على كتاب موارد الظمآن كما ذكر ذلك محمد عبد الرزاق حمزة محقق الكتاب ، فقال (( ما بعد هذا من الهامش ، وبخط يخالف خط الأصل )) .
وكذلك رجح الألباني إقحامه في الحديث.
وذكر الغزالي الحديث بزيادة ذكر ( الدف ) و ( الألحان ) .
ورد العراقي عليه فقال (( البيهقي في دلائل النبوة من حديث [ ابن عائشة ] معضلا ، وليس فيه ذكر للدف والألحان )).
ونقل عبد الرزاق المناوي النشيد بلفظ
أقبل البدر علينا ... من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع
قال الصالحي وزاد ( رزين )
أيها المبعوث فينا ... جئت بالأمر المطاع
وقال عبد القدوس الأنصاري ومن الطرائف ما ذكره صاحب ( مرآة الحرمين ) من أن ذوات الخدور أنشدن عند قدوم النبي (ص)هذين البيتين
أشرق البدر علينا ... واختفت منه البدور
مثل حسنك ما رأينا ... قط يا وجه السرور
فهل خفي على إبراهيم باشا رفعت ما يحمله هذان البيتان من أثقال الركاكة العامية ، فنسبها إلى عصر كانت تفيض فيه البلاغة الشعرية على ألسنة العرب بالسليقة ؟ أم أنه أوردهما اعتمادا على رواية ملفقة لا أصل لها ؟! اللهم لا ندري أي ذلك كان ؟! ولكننا ندري ونجزم أن البيتين المذكورين ليسا من شعر ذلك العهد الزاهر بتاتا ))."
وتحدث عن تسمية ثنيات الوداع فقال :
"ضبط التسمية بثنيات الوداع ومعناها :
الثنيات جمع ثنية ، والثنية في أصل اللغة ما ارتفع من الأرض ، وقيل هي الطريق في الجبل .
والوداع بفتح الواو اسم من التوديع.
سبب التسمية
قال الفيروزابادي
(( واختلف في تسميتها بذلك ؛ فقيل لأنها موضع وداع المسافرين من المدينة إلى مكة وقيل لأن النبي (ص)ودع بها بعض من خلف بالمدينة في آخر حياته وقيل في بعض سراياه المبعوثة عنه وقيل الوداع اسم واد بالمدينة .( والصحيح ) أنه اسم قديم جاهلي ، سمي لتوديع المسافرين هكذا قال أهل السير والتاريخ )) .
ومن ( المروي ) في ( أسباب ) تسميتها ما يلي
1 - عن جابر بن عبد الله قال خرجنا مع رسول الله (ص)إلى غزوة تبوك ، حتى إذا كنا عند العقبة مما يلي الشام ، جاء نسوة كنا تمتعنا بهن يطفن برحالنا ، فجاء رسول الله (ص)فذكرنا ذلك له ، فغضب وقام خطيبا ، وأثنى على الله ، ونهى عن المتعة ، فتوادعنا يومئذ ، فسميت ثنية الوداع رواه الحازمي من طريق عباد بن كثير ، حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل ، سمعت جابر بن عبد الله به والإسناد (( ضعيف جدا )) ؛ عباد بن كثير (( متروك )).
2 - وعنه قال إنما سميت ( ثنية الوداع ) لأن رسول الله (ص)اقبل من خيبر ومعه المسلمون قد نكحوا النساء نكاح المتعة ، فلما كان بالمدينة قال لهم (( دعوا ما في أيديكم من نساء المتعة )) ، فأرسلوهن ، فسميت ثنية الوداع رواه ابن شبه فقال قال أبو غسان ، وأخبرني عبد العزيز بن عمران ، عن أيوب بن سيار ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله به وهذا (( إسناد ضعيف جدا )) ؛ فيه (( عبد العزيز بن عمران )) و (( أيوب بن سيار )) ، وهما ( متروكان )، والحديث (( ضعيف جدا )) .
3 - وعنه قال خرجنا ومعنا النساء اللاتي استمتعنا بهن ، حتى أتينا ( ثنية الركاب ) ، فقلنا يا رسول الله ؛ هؤلاء النسوة اللاتي استمتعنا بهن ؟؟فقال رسول الله (ص) (( هن حرام إلى يوم القيامة )) فودعننا عند ذلك ، فسميت بذلك ثنية الوداع ، وما كانت قبل ذلك إلا ( ثنية الركاب ) رواه الطبراني من طريق عمرو بن أبي سلمة ، قال حدثنا صدقة بن عبد الله ، عن سعيد ، عن إسماعيل بن أمية ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله به وهذا سند (( ضعيف )) ، (( صدقة بن عبد الله )) (( ضعفه )) الأئمة أحمد ، والبخاري ، والنسائي ، والدارقطني وغيرهم. والحديث (( ضعيف )) .
4 - وعن أبي هريرة قال خرجنا مع رسول الله (ص)في غزوة تبوك ، فنزلنا ثنية الوداع ، فرأى رسول الله (ص)مصابيح ، ورأى نساء تبكين ، تمتع منهن ، فقال (( حرم )) ، أو قال (( هدم المتعة النكاح ، والطلاق ، والعدة ، والميراث )) رواه أبو يعلى ، وابن حبان، والبيهقي، كلهم من طريق المؤمل بن إسماعيل ، عن عكرمة بن عمار ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة به وهذا إسناد (( ضعيف )) ؛ لأن المؤمل بن إسماعيل (( صدوق سيء الحفظ )) ، وعكرمة (( صدوق ، يغلط ))قال الهيثمي (( رواه أبو يعلى ، وفيه مؤمل بن إسماعيل ، وثقه ابن معين وابن حبان ، وضعفه البخاري وغيره ، وبقية رجاله رجال الصحيح )) . فالحديث (( ضعيف )) .
5 - وعن جابر بن عبد الله قال كان لا يدخل المدينة أحد إلا عن طريق واحد ؛ من ثنية الوداع ، فإن لم يعشر ويقال للحمار الشديد الصوت المتتابع النهيق معشر ؛ لأنه إذا نهق لم يكف حتى يبلغ عشرا بها مات قبل أن يخرج منها ، فإذا وقف على الثنية قيل قد ودع ، فسميت ثنية الوداع ، حتى قدم عروة بن الورد العبسي ، فقيل له عشر بها ، فلم يعشر ، ثم أنشأ يقول
لعمري لئن عشرت من خشية الردى ... نهاق حمير إنني لجزوع
ثم دخل فقال يا معشر اليهود ؛ ما لكم وللتعشير قالوا إنه لا يدخلها أحد من غير أهلها فلم يعشر بها إلا مات ، ولا يدخلها أحد من غير ( ثنية الوداع ) إلا قتله الهزال ، فلما ترك عروة التعشير تركه الناس ، ودخلوا من كل ناحية رواه ابن شبه فقال قال أبو غسان ، حدثني عبد العزيز بن عمران ، عن عامر ، عن جابر به الإسناد (( ضعيف جدا )) ، والحديث كذلك ؛ لما تقدم من كلام في (( عبد العزيز بن عمران )) ، وأنه (( متروك )) .
ومما يدل على (( ضعف )) بعض الأحاديث المروية في أسباب التسمية بغير ما مر من ضعف أسانيدها ( نكارة ) ألفاظ بعضها ؛ حيث روي حديث جابر الأول ، وحديث أبي هريرة الرابع بذكر النهي عن المتعة عام غزوة تبوك ، وهذا (( منكر )) ؛ لأن تحريم نكاح المتعة كان عام خيبر ، كما روى ذلك البخاري، ومسلم ، كلاهما من طريق الزهري ، عن الحسن بن محمد بن علي ، وأخيه عبد الله ، عن أبيهما ، عن علي قال إن رسول الله (ص)نهى عن متعة النساء يوم خيبر ، واللفظ لمسلم .
ذهب بعض العلماء ؛ منهم الداودي، والقاضي عياض إلى أنها من جهة مكة .
وذهب آخرون - ومنهم أهل المدينة - إلى أنها من جهة الشام .
ومن أظهر أدلة الفريق الأول قصة الاستقبال بنشيد ( طلع البدر علينا ) ، وقد تقدم ما فيها من العلل .
ومن أظهر أدلة الفريق الثاني ما رواه البخاري من طريق سفيان ، عن الزهري ، عن السائب بن يزيد قال أذكر أني خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع نتلقى رسول الله (ص)مع الصبيان مقدمه من غزوة تبوك .
وعمد ابن القيم إلى ( توهيم ) من يقول إن ثنية الوداع من جهة مكة فقال (( وبعض الرواة يهم في هذا ويقول إنما كان ذلك عند مقدمه إلى المدينة من مكة وهو وهم ظاهر ؛ لأن ثنيات الوداع إنما هي من ناحية الشام ، لا يراها القادم من مكة إلى المدينة ، ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام )).
ونقل عنه ابن حجر نقلا يخالف هذا ؛ فالله أعلم برأيه الذي استقر عليه !
( وجمع ) الفيروز ابادي بين القولين فقال (( كلتا الثنيتين تسمى ثنيات الوداع )).
( ونصر ) هذا الرأي جمع من المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين ، منهم ابن حجر ، والعباسي ، وعبد القدوس الأنصاري
قال الأنصاري (( وكما أن أهل المدينة كانوا يودعون المسافر منها إلى ناحية الشام من الثنية التي هي بطريق الشام ، فكذلك لهم أن يودعوا المسافر إلى جهة مكة من الثنية الواقعة بطريق مكة ، ويحق لكل من الثنيتين بهذا النظر أن تسمى ثنية الوداع ؛ لقيام معنى الثنية ، الذي هو الطريق في الجبل ، والوداع بكل منهما ، ولاشتراكهما فيه ، فكلتاهما مركز لتوديع المسافرين )) .
وهاهنا رأي للسمهودي توفيقي ، يلزم منه إثبات الثنية جهة الشام ، مع إثبات أن قدوم رسول الله (ص)كان من جهة الجنوب - وهو الجادة - قال (( إن ذلك لا يمنع من كونه في الهجرة عند القدوم من قباء ؛ لأنه (ص)ركب ناقته ، وأرخى لها زمامها ، وقال (( دعوها فإنها مأمورة )) ، ومر بدور الأنصار ... حتى مر ببني ساعدة، ودارهم في شامي المدينة ، قرب ثنية الوداع ، فلم يدخل باطن المدينة إلا من تلك الناحية ، حتى أتى منزله بها )) .
وعلى خلافه رأي للحافظ ابن حجر على القول بأن ثنية الوداع من جهة مكة - حيث قال (( لا يمنع كونها من جهة الحجاز أن يكون خروج المسافر إلى الشام من جهتها ، وهذا واضح ، كما في دخول مكة من ثنية ، والخروج منها من أخرى ، وينتهي كلاهما إلى طريق واحدة )).
على القول بأنها من جهة الشمال ، تقع الثنية اليوم في قلب عمران المدينة ، في أول طريق أبي بكر الصديق ( سلطانة ) ، عن يمينه وأنت خارج من نفق المناخة ، قريبا من طرفها الشمالي ، وقد أزيلت مع فتح النفق المذكور ، ويكون على يسارك اليوم جبل سلع ، وإلى يمينك بداية طريق العيون المؤدي إلى جبل الراية .
وعلى القول بأنها في جنوب المدينة ، وصفت بأنها تشرف على وادي العقيق ، وينزل منها إلى بئر عروة ، جنوب غرب المدينة ، وتحيط بها الحرة من كل جانب.
وموقع بئر عروة المذكور آنفا اليوم على يسار الذاهب في طريق مكة القديم ( عمر بن الخطاب ) بعد تقاطعه مع الطريق الدائري الثاني مباشرة ، يوجد مسجد حديث يسمى مسجد عروة ، خلفه بقايا المسجد القديم ، وبجانبه قصر عروة ، وأمامه البئر .
تنبيه ذكر ابن منظور أن ( الوداع ) واد بمكة ، و( ثنية الوداع )منسوبة إليه ولما دخل النبي (ص)مكة يوم الفتح استقبله إماء مكة يصفقن ويقلن
طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع
وهو غريب ومنكر ، لم أقف على مستند له ، ولا على موافق
إن نفوسا آمنت بالله تبارك وتعالى بوجوده ووحدانيته ، وآمنت برسول الله (ص)برسالته وصدقه وأمانته ؛ فرضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد (ص)نبيا ورسولا ؛ كيف سيكون استقبالها لرسول الله (ص)، وكم سيكون قدر شوقها حين تتلقاه ، فلك أن تفكر بعمق إيماني وعقلي وعاطفي ، فتراه شيئا كبيرا ، قد يعجز القلم عن وصفه ، وينعقد اللسان عن التعبير عنه بما يليق بتلك المكانة العظيمة ، بذلك الشخص الكريم ، وبتلك المناسبة المهيبة ، وبتلكم الطلعة النبوية البهية .
(( فرح أهل المدينة بقدومه (ص)، وأشرقت المدينة بحلوله فيها ، وسرى السرور إلى القلوب )) ."
وما سبق من أقوال ذكرها الرجل هو تناقض ظاهر لمن له عقل فمرة الثنيات في المدينة ومرة في مكة والتناقض الثانى أنها مرة في شمال المدينة ومرة في جنوبها ومرة هناك مكانين شمالا وجنوبا والتناقض الثالث في سبب تسميتها فمرة لأنه توديع المسافر ومرة توديع الحاج ومرة توديع السرايا وبعد كل هذ ا الحديث عن الثنيات ذكر الرجل روايات مقدم الرسول(ص) إلى المدينة في الكتب المعروفة فقال :
"وفيما يلي أهم روايات ذلك الحدث الكبير مما وقفت عليه ، مما لعله يقرب شيئا من وصف استقبال الأنصار - رضي الله عنهم - لرسول الله (ص)للقارئ الكريم .
1 - عن أبي بكر الصديق قال قدمنا المدينة ليلا ، فتنازعوا أيهم ينزل عليه رسول الله (ص)، فقال (( أنزل على بني النجار ؛ أخوال عبد المطلب أكرمهم بذلك )) ، فصعد الرجال والنساء فوق البيوت ، وتفرق الغلمان والخدم في الطريق ينادون يا محمد يا رسول الله ، يا محمد يا رسول الله )) .
رواه البخاري ومسلم، كلاهما من طريق إسرائيل ، عن أبي إسحاق قال سمعت البراء بن عازب ، عن أبيه ، عن أبي بكر به . واللفظ لمسلم .
2 - وعنه قال مضى رسول الله (ص)حتى قدم المدينة ، وخرج الناس حتى دخلنا في الطريق ، وصاح الناس والخدم والغلمان جاء محمد ، جاء رسول الله ، الله أكبر ، جاء محمد ، جاء رسول الله ، فلما أصبح انطلق فنزل حيث أمر .
رواه الحاكم ، وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه
وأشار الذهبي في التلخيص إلى أنه في الصحيحين من طريق سعيد بن مسعود ، ثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأ إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، عن أبي بكر به .
ورجال الإسناد ثقات ، مخرج لهم في الكتب الستة ، والحديث (( صحيح لغيره )) .
3 - وعن البراء بن عازب قال أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم ، وكانا يقرئان الناس ، فقدم بلال وسعد وعمار بن ياسر ، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي (ص)، ثم قدم النبي (ص)، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله (ص)، حتى جعل الإماء يقلن قدم رسول الله (ص). فما قدم حتى قرأت { سبح اسم ربك الأعلى } في سور من المفصل .
رواه البخاري، وابن سعد ، كلاهما من طريق شعبة ، عن أبي إسحاق قال سمعت البراء به ، واللفظ للبخاري .
ولفظ ابن سعد (( حتى سمعت النساء والصبيان والإماء يقولون هذا رسول الله قد جاء ، قد جاء )) .
4 - وعن أنس بن مالك قال أقبل نبي الله (ص)إلى المدينة وهو مردف أبا بكر ، وأبو بكر شيخ يعرف ، ونبي الله (ص)شاب لا يعرف ... الحديث ، وفيه
فنزل رسول الله (ص)جانب الحرة ، ثم بعث إلى الأنصار ، فجاءوا إلى نبي الله (ص)فسلموا عليهما ، وقالوا اركبا آمنين مطاعين ، فركب نبي الله (ص)وأبو بكر ، وحفوا دونهما بالسلاح ، فقيل في المدينة جاء نبي الله ، جاء نبي الله ، فأشرفوا ينظرون ويقولون جاء نبي الله ، جاء نبي الله ... الحديث مختصرا .
رواه البخاري من طريق عبد الوارث بن سعيد ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، حدثنا أنس بن مالك به .
5 - وعنه قال إني لأسعى في الغلمان يقولون جاء محمد ، فأسعى ولا أرى شيئا ، ثم يقولون جاء محمد ، فأسعى ولا أرى شيئا ، حتى جاء رسول الله (ص)وصاحبه أبو بكر الصديق ، فكمنا في بعض خراب المدينة ، ثم بعثا رجالا من أهل البادية يؤذن بهما الأنصار ، فاستقبلهما زهاء خمسمائة من الأنصار ، حتى انتهوا إليهما ، فقالت الأنصار انطلقا آمنين مطاعين ، فأقبل رسول الله (ص)وصاحبه بين أظهرهم ، فخرج أهل المدينة ، حتى إن العواتق لفوق البيوت يتراءينه يقلن أيهم هو ؟ أيهم هو ؟ فما رأينا منظرا شبيها به .
قال أنس فلقد رأيته يوم دخل علينا ويوم قبض ، فلم أر يومين شبيها بهما .
رواه أحمد ، وعبد بن حميدمن طريق هاشم بن القاسم ، ثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس به .
ورواه الحاكم من طريق حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس به بنحوه مختصرا .
وقال صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه .
رجاله ثقات ، والحديث (( صحيح )) .
6 - وعنه قال قدم رسول الله (ص)المدينة ، فلما دخل المدينة جاءت الأنصار برجالها ونسائها ، فقالوا إلينا يا رسول الله ، فقال (( دعوا الناقة فإنها مأمورة )) ، فبركت على باب أبي أيوب .
قال فخرجت جوار من بني النجار يضربن بالدفوف وهن يقلن
نحن جوار من بني النجار ... يا حبذا محمد من جار
فخرج إليهم رسول الله (ص)فقال
(( أتحبونني ؟ )) ، فقالوا أي والله يا رسول الله . قال (( أنا والله أحبكم ، وأنا والله أحبكم ، أنا والله أحبكم )) .
رواه ابن أبي الدنيا، من طريق محمد بن حميد الرازي ، قال حدثنا سلمة بن الفضل ، قال حدثني محمد بن إسحاق ، عن عوف الأعرابي ، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس ، عن أنس بن مالك قال لما قدم النبي (ص)استقبله جوار من بني النجار ... الحديث به نحوه .
هذا الإسناد (( ضعيف )) ؛ فيه علتان ، إحداهما (( ضعف )) محمد بن حميد الرازي ، قال الحافظ ابن حجر (( حافظ ضعيف )).
والأخرى عنعنة ابن إسحاق ، وهو مدلس ، من المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين التي يطلب فيها (( التصريح )) بالسماع أو التحديث .
ورواه البيهقي من طريق إبراهيم بن صرمة، قال حدثنا يحيى بن سعيد ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس به .
وإبراهيم بن صرمة هو الأنصاري ، يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري
(( ضعفه )) الدارقطني ، وقال ابن عدي (( عامة أحاديثه إما أن تكون مناكير المتن ، أو تنقلب عليه الأسانيد )) .
وقال ابن معين (( كذاب خبيث )).
ورواه من طريق أبي خيثمة المصيصي ، قال حدثنا عيسى بن يونس ، عن عوف الأعرابي ، عن ثمامة ، عن أنس قال (( مر رسول الله (ص)بحي بني النجار ، وإذا جوار يضربن بالدف ، يقلن
نحن جوار من بني النجار ... يا حبذا محمد من جار
فقال النبي (ص) (( الله يعلم أن قلبي يحبكن )) .
أبو خيثمة المصيصي هو مصعب بن سعيد الضرير الحراني.
روى عنه أبو حاتم ، وسئل عنه ؟ فقطب وجهه ، وقال عبد الله بن جعفر الرقي أحب إلي منه ، وكان صدوقا .
ورواه ابن ماجه من طريق عيسى ين يونس به نحوه .
قال الألباني (( سنده صحيح ، وليس فيه أن ذلك كان عند قدومه المدينة ، بل في صحيح البخاري وغيره من طريق ثالثة عن أنس أن ذلك كان في عرس ، ولكنه لم يذكر الرجز ))
قلت إخراج البيهقي للحديث ضمن ( باب من استقبل رسول الله (ص)وصاحبه من أصحابه ، ثم استقبال الأنصاري إياه ودخوله ونزوله ... الخ ) يفهم أن الإمام البيهقي يرى أن قصة ضرب الدف هذه كانت عند مقدم رسول الله (ص)، وليس الأمر كذلك .
وعزاه المراغي والسمهودي لأبي سعيد النيسابوري في كتابه ( شرف المصطفى ) .
فالحديث بذكر استقبال رسول الله (ص)مقدمه المدينة بقول الجواري نحن جوار ... الخ (( ضعيف )) .
ومما يوهن الحديث بالسياق المتقدم ؛ أن الإمام البخاري رواه من طريق عبد الوارث ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس قال أبصر النبي (ص)نساء وصبيانا مقبلين من عرس ، فقام ممتنا ، فقال (( اللهم أنتم من أحب الناس إلي )) .
ليس فيه ذكر مقدم رسول الله (ص)إلى المدينة .
7 - وعنه قال لما قدم رسول الله (ص)المدينة لعبت الحبشة لقدومه فرحا بذلك ، لعبوا بحرابهم رواه أحمد، وأبو داود، كلاهما من حديث عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن ثابت ، عن أنس به . واللفظ لأبي داود
وهذا إسناد (( صحيح )) ، والحديث (( صحيح )) ."
وخلص الرجل إلى أن الحديث ليس صحيح فقال:
"ظهر من خلال تخريج حديث النشيد ، والبحث في سنده عدم صحته ؛ لعدم صحة سنده ، ولنكارة في متنه ..
وأن النشيد ينقل بألفاظ تزيد وتنقص ، وكلها تروى بلا أسانيد يعتمد عليها .
وأن ثنية الوداع ثنيتان ؛ إحداهما شمالية ، والأخرى جنوبية ، وأن سبب تسميتها بذلك لأنه كان يودع المسافر عليها .
وأن الألفاظ التي تثبت في استقبال رسول الله (ص)هي (( يا محمد يا رسول الله )) ، و (( جاء محمد ، جاء رسول الله ، الله أكبر ، جاء محمد ، جاء رسول الله )) ، و (( قدم رسول الله )) ، و (( قدم رسول الله فينا )) .
وهذه الألفاظ تؤكد عدم ثبوت النشيد ؛ إذ لو حصل عند مقدمه لنقل بأسانيد ثابتة ، كما نقلت هذه الألفاظ الثابتة ."
والحق أن الحديث باطل في متنه للتالى :
-أن الرسول(ص) وصاحبه لم يكن معهم أحد يقدم لإخبار الناس بقدومهم
-أن الرسول(ص) وصاحبه لم يكن يعرف لهم موعد قدوم حتى يخرج أحد لاستقبالهم
- أن النساء ليس من عاداتهن الخروج لأطراف البلد خوفا من الاغارة والاختطاف
- أن الرجال هم من يعملون في أطراف البلد في البساتين أو بالرعى والطبيعى أن يكونوا هم أول من يستقبلونه
- أن عدد النساء المؤمنات كان قليل جدا حتى أن الله أمر بالزواج من الكتابيات لمنع زنى المؤمنين وفى تاريخ العقبة كانت هناك امرأتين فقط ومن ثم لن يكون هناك عدد لعمل استقبال يكون فيه غناء
رضا البطاوى- المساهمات : 1555
تاريخ التسجيل : 21/08/2020
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى